منذ بدء إعلان الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، عن أسماء مرشحيه لمناصب حيوية، بما في ذلك مناصب السياسة الخارجية، أثير لغط حول اختياره أفرادًا من دائرة أقاربه ومقربيه، وذلك في خطوة تبدو غير تقليدية وغير مألوفة في أعراف التعيينات الدبلوماسية الأميركية.
يأتي ذلك في وقت تتسم فيه الساحة الدولية بتحديات معقدة تتطلب خبرات متخصصة ورؤية استراتيجية عميقة.
ويثير توجه ترامب تساؤلات جوهرية حول فلسفة الرئيس المُنتخب في القيادة واتخاذ القرار، لا سيما أن المرشحين يفتقرون إلى الخلفيات الدبلوماسية التقليدية التي اعتادت الإدارات الأميركية الاعتماد عليها.
فهل يعكس هذا اختيارات نابعة من الثقة الشخصية والرغبة في الولاء التام؟ أم أنها محاولة لفرض أسلوب مختلف في إدارة السياسة الخارجية بعيدًا عن النمط المؤسسي؟
ومع ذلك، تظل التساؤلات قائمة: كيف سيتعامل هؤلاء المرشحون مع الملفات الدولية الشائكة، وما أثر هذا النهج على مكانة الولايات المتحدة ودورها في النظام العالمي؟
في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، اختار ترامب اثنين من أقاربه لتولي مناصب في السياسة الخارجية بينما يملأ إدارته القادمة بالموالين.
عيّن الرئيس المنتخب والد زوج ابنته تيفاني، مسعد بولس، مستشاراً أول لشؤون الشرق الأوسط. كما رشح والد زوج ابنته الكبرى إيفانكا تشارلز كوشنر ليكون سفيراً لفرنسا.
وكوشنر، وهو مدير تنفيذي في مجال العقارات يبلغ من العمر 70 عاما، يعتبر من أكبر المتبرعين لحملة ترامب الانتخابية هذا العام.
حصل على عفو رئاسي في نهاية الولاية الأولى لترامب بعد إدانته بتهم متعددة تتعلق بالتهرب الضريبي وانتهاكات تمويل الحملات الانتخابية والتلاعب بالشهود، والتي قضى بسببها بعض الوقت في السجن. وأُطلق سراحه في العام 2006.
من هو وزير الخزانة الأميركي الذي رشحه ترامب؟
يأتي ترشيح كوشنر في لحظة حساسة في العلاقات بين الولايات المتحدة وفرنسا. فقد انتقد ترامب الحلفاء الأوروبيين لعدم إنفاقهم ما يكفي على دفاعهم.
كما أن تعيين ترامب لبولس، الذي سيكون مستشاراً كبيراً للرئيس في الشؤون العربية والشرق الأوسط، من شأنه أن يدفع قطب صناعة السيارات اللبناني إلى الجهود الهشة للحفاظ على وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، بحسب تقرير لصحيفة FT البريطانية.
كذلك يضم فريق ترامب في الشرق الأوسط مطور العقارات ستيف ويتكوف، الذي عينه ترامب مبعوثا خاصا إلى المنطقة، ومرشحه لمنصب السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هاكابي .
اقرأ أيضاً: ما الذي تعنيه عودة ترامب للبيت الأبيض بالنسبة لـ "التوترات في الشرق الأوسط"؟ (خاص CNBC عربية)
ووفق الصحيفة، لا يتمتع أي من هؤلاء الذين وردت أسماؤهم بخلفيات دبلوماسية تقليدية. ويعكس ذلك ميل ترامب إلى ترقية الأصدقاء المقربين والعائلة إلى مناصب رئيسية.
وقال ترامب في منشور على موقعه "تروث سوشيال": مسعد هو صانع صفقات، ومؤيد ثابت للسلام في الشرق الأوسط. سيكون مدافعاً قوياً عن الولايات المتحدة ومصالحها، وأنا سعيد لوجوده في فريقنا.
ولد بولس لعائلة في كفر عكا بلبنان، ثم انتقل إلى تكساس في سن المراهقة للدراسة في جامعة هيوستن. وبعد التخرج، انضم إلى شركة عائلته لصناعة السيارات في نيجيريا، وترقى إلى قيادة شركتي Scoa Motors وBoulos Enterprises، اللتين تهيمنان على السوق النيجيرية للدراجات النارية والمركبات.
ومن المعروف أن له علاقات وثيقة مع مختلف أطياف الطبقة السياسية في لبنان.
أمضى بولس، الذي تزوج ابنه مايكل من تيفاني، معظم العام الماضي في حشد الدعم لترامب بين الأميركيين العرب في ولاية ميشيغان المتأرجحة. وكان بولس قد سافر مؤخراً إلى واشنطن للقاء كبار المسؤولين اللبنانيين ودبلوماسيين آخرين وممثلين للولايات المتحدة.
⏺️ من هو مسعد بولس، الذي اختاره الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مستشارا لشؤون المنطقة العربية والشرق الأوسط؟ pic.twitter.com/5Oeq46FoHC
— CNBC Arabia (@CNBCArabia) December 1, 2024
وكان من المفترض على نطاق واسع أنه سيكون الشخص التالي الذي يشرف على العلاقات بين إسرائيل ولبنان، حيث يتولى الملف من كبير مستشاري الرئيس جو بايدن، آموس هوشتاين.
وفي سياق متصل، وفق شخص مطلع على الأمر، فإن هوكشتاين أطلع عدة أشخاص مقربين من ترامب على جهود وقف إطلاق النار، لكن ليس بولس. وأضاف أن هوكشتاين كان على اتصال مع ويتكوف ومستشار ترامب للأمن القومي مايك والتز وجاريد كوشنر.
شغل جاريد كوشنر عدة مناصب بارزة في إدارة ترامب الأولى، وخاصة تلك المتعلقة بالشرق الأوسط، كما عملت إيفانكا أيضاً كمستشارة أولى. ومن غير المتوقع أن يتولى أي منهما أدواراً رسمية هذه المرة.
ويعد جاريد كوشنر، وابن ترامب دونالد جونيور، أيضاً من المستشارين الرئيسيين لعملية الانتقال.
تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي